برنامج الجينوم الوطني – البحث المسحي

انطلق برنامج الجينوم الوطني البحريني في عام 2019 كمبادرة وطنية صحية بحثية رائدة، تهدف إلى رسم الخريطة الجينية لشعب البحرين، وذلك بعد مرحلة تحضيرية بدأت في عام 2018. وقد جاء هذا البرنامج بدعم مباشر من القيادة البحرينية ضمن "الملتقى الحكومي 2019"، ليشكل خطوة استراتيجية نحو تعزيز صحة المجتمع وتطوير الرعاية الصحية عبر الطب الدقيق.

يهدف البرنامج إلى جمع وتحليل 100,000 عينة من المواطنين على مدى عشر سنوات، لبناء قاعدة بيانات جينية وطنية شاملة تُستخدم في الوقاية من الأمراض الوراثية والمزمنة، وتحسين فرص التشخيص والعلاج المبكر. كما يسعى البرنامج إلى إرساء بنية تحتية وطنية متطورة للطب الشخصي، وتوفير بيئة داعمة للبحث العلمي والتطوير الصحي.

يرتكز البرنامج على تقنيات متقدمة في تحليل الحمض النووي، أبرزها التسلسل الجيني الكامل (Whole Genome Sequencing)، مع التزام صارم بالمعايير الأخلاقية وضمان سرية بيانات المشاركين. وتشمل آلية المشاركة فئات عمرية متعددة، من البالغين وحتى حديثي الولادة، مع تسهيل الترقيم الرقمي عبر بوابة الحكومة الإلكترونية.

تتيح الخدمة التسجيل والمتابعة إلكترونيًا عبر بوابة الحكومة الإلكترونية ، مما ساهم في رفع مستوى الإقبال المجتمعي والمشاركة التطوعية.

يساهم البرنامج في تحويل البحرين إلى مركز إقليمي في علم الجينوم، ويُعد أداة استراتيجية لفهم الطفرات الوراثية الشائعة محليًا، مما يُمكن من تطوير برامج فحص مبكر ووقائي تستند إلى البصمة الجينية للسكان. كما يدعم البرنامج بناء منظومة الطب الشخصي، حيث يمكن للطبيب في المستقبل تصميم العلاج الأمثل استنادًا إلى الخلفية الوراثية للمريض، مما يعزز فعالية الأدوية ويقلل من المضاعفات.

ومن خلال ما يوفره من بيانات ورؤى وراثية دقيقة، يفتح البرنامج آفاقًا جديدة للباحثين والأطباء لفهم أعمق للأمراض النادرة والمزمنة المنتشرة في المجتمع، ويوفر منصة وطنية للإبداع في الرعاية الصحية والتشخيص والعلاج.

إن برنامج الجينوم الوطني البحريني ليس مجرد مشروع بحثي، بل هو رؤية استراتيجية طويلة المدى لبناء مجتمع أكثر صحة ومعرفة، ووضع البحرين في مقدمة الدول التي توظف تقنيات الجينوم لتحسين جودة الحياة وتحقيق التنمية المستدامة. بخطى واثقة، تمضي المملكة نحو مستقبل تتلاقى فيه التكنولوجيا مع الطب، والمعرفة مع الوقاية، والعلم مع الإنسان.