في أول حوار صحفي مع (بنا) .. ممثلة منظمة الصحة العالمية: استجابة صحية شاملة ذات جودة عالية في مملكة البحرين
نوهت د. تسنيم العطاطرة ممثلة منظمة الصحة العالمية في مملكة البحرين بتوجه المملكة إلى إيجاد استراتيجيات صحية نوعية متكاملة، معتبرة أن وضع الإنسان كأولوية ميزة تحسب في رصيد صناع القرار، وأكدت على أهمية مواصلة المملكة للجهود الهائلة التي بذلتها منذ بداية الجائحة حتى تكلل تلك الجهود بالنجاح التام في إنهاء الجائحة.
وأشادت بما يحظى به المجال الصحي في مملكة البحرين من اهتمامٍ من لدن حضرة صاحب الجلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة عاهل البلاد المفدى حفظه الله ورعاه ، ومتابعة مستمرة من صاحب السمو الملكي الأمير سلمان بن حمد آل خليفة ولي العهد رئيس مجلس الوزراء حفظه الله، وقالت إن النظام الصحي في مملكة البحرين يعد نظاما متطورا قائما على أساس البرامج النوعية والاستراتيجيات الوطنية التي تترجم الأهداف العالمية على أرض الواقع بما يتلاءم واحتياجات وأولويات المجتمع.
وأعربت عن تطلعها إلى العمل من خلال مكتب المنظمة الجديد على توثيق أواصر التعاون مع وزارة الصحة في مجالات التغطية الصحية الشاملة، ورعاية وإجراءات تقوية القوى البشرية العاملة، موضحة أن المنظمة تسعى من خلال مكتبها الجديد في مملكة البحرين إلى التوسع في مجالات العمل مع جهات حكومية وأممية وأهلية وجامعات لتقديم المشورة التقنية وتبادل المعارف والخبرات.
وأوضحت د تسنيم أن تواجد المدير العام لمنظمة الصحة العالمية الدكتور تيدروس ادهانوم غيبريسوس لافتتاح المكتب هو دلالة على الأهمية التي توليها المنظمة لهذه المناسبة الهامة التي تتيح التعرف عن قرب على استراتيجيات العمل الصحي في البحرين وتدشين شراكة أكثر قوة تبني على المنجزات الصحية التي تحققت في البحرين، ولاسيما اهتمام المملكة بالإنسان الذي تجلى بتوفير التطعيمات للجميع، وهو مجهود جبار من الدولة في تأمين التطعيم من جهة وفي طريقة تقديمه من جهة ثانية.
وقالت د تسنيم: عالمياً مكتب المنظمة في البحرين هو المكتب القطري رقم 152 ويقع في إقليم شرق المتوسط لمنظمة الصحة العالمية الذي يضم 22 دولة ومنطقة، تمتد من باكستان شرقاً إلى المملكة المغربية غرباً، وبينت حرص منظمة الصحة العالمية على تقديم المشورة التقنية والتخصصية فيما يتعلق بالمجالات الصحية كافة، وبينت أن افتتاح مكتب قطري في البحرين ليس قراراً وليد اللحظة، بل هو امتداد لعمل متواصل لسنوات طوال، فقد كان تنسيق جهود العمل الصحي المشترك يتم على مدى عقود من خلال مكتب متابعة من داخل المكتب الإقليمي في القاهرة، يتواصل مع السلطات الصحية والجهات المعنية لتيسير أنشطة التعاون، وعليه فإن العلاقة بين مملكة البحرين ومنظمة الصحة العالمية سبقت افتتاح المكتب بعقود، حيث كان التعاون جليا من خلال المكتب الإقليمي في القاهرة، وقالت: " العلاقة ليست وليدة افتتاح المكتب، بل تتويج للتعاون الممتد منذ سنوات، وهو ثمرة جهود حكومة مملكة البحرين في المجال الصحي، وترجمة لإرادة مشتركة من كلا الجانبين للارتقاء بمستوى التعاون بين الطرفين إلى آفاق أرحب، والتنسيق لمواكبة التحديات التي بات المجتمع الصحي العالمي يواجهها، فضلاً عن دعم الخطط الطموحة والأهداف عالمية الطابع التي تسعى مملكة البحرين لبلوغها في المجال الصحي. وتعوِّل المنظمة كثيراً على دور المكتب القُطري الجديد في تسهيل إدارة البرامج المشتركة، والتخطيط للأنشطة التعاونية، والرصد المنتظم لمستجدات القضايا الصحية في البحرين فضلاً عن تعزيز سبل التنسيق مع شركاء التنمية الآخرين.
وأعربت د. تسنيم عن تقديرها لاهتمام صناع القرار في مملكة البحرين بالصحة، من خلال التوجهات الجديدة للسياسات الصحية والتي شملت المتابعة العلمية والرصد ، وإنشاء المختبرات المجهزة وتدريب وتطوير الطاقم الصحي، وإيجاد المباني الخاصة، والتواصل مع المجتمع المحلي والدولي .
ولفتت د. تسنيم إلى أن الاستجابة لجائحة فيروس كورونا (كوفيد- 19)، بل والاستجابة لكافة القضايا الصحية، ليست مسئولية القطاع الصحي وحده بل مسئولية كافة القطاعات الحكومية والأهلية والمجتمع بأكمله بكل فئاته، وقالت: " ثمة أهمية كبيرة للالتزام بإجراءات الصحة العامة، ووضع التشريعات والقوانين المتطورة، وتهيئة السبل لتقديم خدمات صحية مناسبة تعمل على مدار الساعة، وبالتالي الحصول على استجابة شاملة ذات جودة عالية، تعمل وفق الاستراتيجية العالمية، لتقديم الخدمة الصحية التامة والمتكاملة ".
و أرجعت الدكتورة تسنيم قدرة المملكة على الاستجابة للأزمات والكوارث إلى حرص القيادة البحرينية على تسخير كافة الإمكانات الاقتصادية والعلمية والتخصصية من أجل التعامل مع التحديات بالشكل الأمثل، وقالت: " لقد أثبت التعامل الجاد والمنهج العلمي والاستجابة المبكرة فعاليةً ونجاحاً في التصدي لجائحة فيروس كورونا (كوفيد-19) في البلدان التي اتبعت هذا النهج، وفي مقدمتها مملكة البحرين". وأضافت: "أثق أن المملكة ستواصل جهودها بالقدر نفسه من الجدية والاهتمام؛ فالفيروس لا يزال موجوداً في العالم، والتطعيم رغم أهميته البالغة، لا يكفي وحده لتأمين البلدان من الجائحة، لذا وجب الاستجابة إلى الدعوة التي وجهها مدير عام المنظمة مؤخراً بخصوص أهمية التكاتف والتنسيق على مستوى عالمي، ومواصلة الأخذ بكافة إجراءات الصحة العامة والتدابير الوقائية إلى جانب تقديم التطعيم."
وأوضحت ممثلة المنظمة في البحرين أن الصحة مسئولية تتشاركها أطراف متعددة تبدأ بالقطاع الصحي وتصل إلى المؤسسات الرسمية والأهلية الأخرى، وقالت: " من الملاحظ في أهداف التنمية المستدامة أنها أهداف تنموية شاملة، تسير بشكل متوازي وتكمل بعضها البعض، من هنا نتطلع إلى العمل مع الجهات المختصة نحو صحة للجميع بالجميع.
وردا على سبب تنوع الدراسات الصادرة عن منظمة الصحة العالمية وتضارب نتائجها أحيانا، قالت د تسنيم : " لابد من توضيح أن جميع ما يعلن من تحديثات خاصة بالجائحة تكون مرفقة باسم المصدر وهي دراسات معتمدة لجهات بحثية متخصصة، من هنا وجب لفت النظر إلى أن الفيروس كان جديداً على العالم في بداية الجائحة ويتم التعرف عليه وبناء المعارف حوله شيئا فشيئاً، ومن ثم كان من الطبيعي أن تتعدد وتتطور النتائج بمضي الوقت، خاصةً إذا كان الفيروس متحورا ويتطلب المتابعة". وأضافت إن ما يظنه البعض تضارباً هو في الحقيقة مواكبة لكل معارف جديدة تتكشف لنا بالدلائل العلمية حول الفيروس، وكل تطور يطرأ عليه أو يطرأ على وضع الجائحة، وهذا دليل على ديناميكية جهود الاستجابة العالمية للجائحة.
وعن رأي منظمة الصحة العالمية في منحنى الحالات وما يحمله من مؤشرات قالت د تسنيم: "النظر الى منحنى الحالات وحده لا يدل على الصورة الكاملة ولا يدلل على الوضع بدقة، فلابد من وضع مؤشرات عديدة في الاعتبار عند التقييم. ومملكة البحرين تقرر إجراءاتها وفق نظرة شمولية متعددة المؤشرات، وقد وُفقت كثيرا في وضع خططها واختيار إجراءاتها مع الأخذ بعين الاعتبار الأثر على حركة الناس والاقتصاد، فهناك متابعة حثيثة للبيانات والمعلومات العلمية القائمة على أسس إلكترونية متقدمة، وبالتالي تحويل المعلومات إلى قرارات مبنية على الدلائل، وعليه فإن التحركات تتم وفق منهجية ورؤية واضحة".
وقالت د تسنيم إنها لاحظت جودة الخدمة المقدمة، والتنظيم عالي المستوى، والتميز بتحديث الخدمات وفق نظرة حالية ومستقبلية تحافظ على الحالة القائمة وسلامتها، فنسبة التطعيم عالية في مملكة البحرين بل تعتبر من النسب الأعلى في إقليم شرق المتوسط، فهناك حوالي 70% من السكان أخذوا جرعتي التطعيم، مع الاستمرار في تطبيق الإجراءات الاحترازية من ارتداء الكمام وتطبيق معايير التباعد الاجتماعي، والسلامة في الحركة والتنقل والعمل عن بعد. وكلها جهود ضخمة نثق أنها ستستمر في إطار تأمين التغطية الصحية الشاملة.
وفيما يتعلق بالدروس المستفادة من الجائحة العالمية قالت د تسنيم: "هناك العديد من الدروس المستفادة من هذه الجائحة، تعمل منظمة الصحة العالمية على توثيقها من خلال تنسيق فرق عمل عالمية لتوضيح التجارب وتبادل الآراء حول سبل التعامل مع الجائحة، وبحث كيفية تطبيق الإجراءات بفاعلية، مع التأهب والاستعداد المستمر لأي نوع من الكوارث المستقبلية، لتحقيق الجاهزية المطلوبة".
وردا على سؤال حول تعدد التطعيمات ودور المنظمة في متابعتها وإقرارها، أوضحت د تسنيم أن المنظمة لها آلياتها في اعتماد التطعيمات وفق أبحاث علمية معتمدة، وفي المجمل هناك دراسات علمية وتجارب سريرية ومعايير متفق عليها علميا قبل اعتماد أي تطعيم، وقالت: "يظل الفيصل في تحديد استجابات الدول هو القرار الرسمي والقدرة على التنسيق وتذليل الصعوبات، وهذا ما ينقلنا للحديث عن ارتباط الأهداف الإنمائية بخطط الدول ونظرتها وسعيها لتحقيق الأهداف على أرض الواقع".
وشددت على أهمية دور الإعلام المسؤول في رفع مستوى الوعي الصحي وأضافت: "أؤكد على أهمية أخذ المعلومات الصحية من مصادرها المعتمدة، فنجاح الرسائل الصحية يعتمد على ضمان توصيلها بدقة بشكل سليم ووفق قالب صحيح للفئات التي تحتاجها وبأسلوب مبسط وواضح، وفي البحرين هناك مؤشرات تبين وعي المجتمع وتطبيقه لشعار مجتمع واعي، فشعب البحرين مثال المجتمع الملتزم بالإجراءات ".
وأكدت الدكتورة تسنيم أن منظمة الصحة العالمية تعمل جنبا إلى جنب مع الدول الأعضاء لتحقيق الصحة الشاملة وترسيخ أنماط الحياة الصحية، وتحقيق القدر الأكبر من الأهداف الإنمائية، بهدف ايجاد آليات عمل لتنفيذ الخطط الأممية الشاملة، بما يتناسب مع الدول واحتياجاتها وخصوصياتها لإحداث الفارق فيها وذلك وفق الرؤية الإقليمية نحو الصحة للجميع وبالجميع دعوة للتضامن والعمل.
وفي نهاية حديثها، قالت الدكتورة تسنيم العطاطرة :" أود التأكيد على أن مملكة البحرين واحدة من أوائل الدول التي اتبعت نهجاً تعاونياً في الاستجابة العالمية لـجائحة فيروس كورونا (كوفيد-19)، كما طبقت حزمة شاملة من تدابير الصحة العامة لمكافحة الفيروس من قبل اكتشاف الحالة الأولى في البلاد، بما في ذلك الرصد الدقيق لوضع الجائحة من أجل تطبيق الاستجابة على أسس معرفية ومعلوماتية، مع مراعاة التداعيات الاقتصادية والاجتماعية للفيروس. كما بذلت جهودا لضمان الاستمرارية الكاملة لمجموعة الخدمات الصحية الأساسية حتى يتمكن الأشخاص الذين يحتاجون إلى علاج لحالات صحية أخرى من الاستمرار في تلقي العلاج دون انقطاع، وتقديراً لجهود البحرين الدؤوبة نحو تحقيق التغطية الصحية الشاملة ، أعلنت منظمة الصحة العالمية العاصمة البحرينية المنامة "مدينةً صحيةً لعام 2021" وبذلك أصبحت المنامة أول عاصمة في الشرق الأوسط تحصل على مثل هذا التكريم، مما أضاف إنجازًا دوليًا جديدًا إلى سجل المملكة الغني بالإنجازات، وبذلك تفخر منظمة الصحة العالمية بتقوية أواصر التعاون مع مملكة البحرين من خلال إنشاء مكتبها الجديد هنا في المملكة، في إطار الجهود المبذولة لتعزيز الشراكة الحالية والشراكة الاستراتيجية طويلة الأمد من أجل تحقيق هدف التغطية الصحية الشاملة وضمان حماية صحة أبناء البحرين".